أنت هنا

محمود بن خلفان بن مسعود الحمحامي

ولد محمود بن خلفان بن مسعود الحمحامي في يوم السبت الموافق التاسع من ابريل لعام سبعة وسبعون وتسعمئة وألف للميلاد في محافظة مسقط بسلطنة عمان, وعاش طفولتهُ مثل أقرانه الأطفال فقد كان مبصراً. كان ترتيبه الثالث في الأبناء، وكان محبوبا من والديه وأقاربه وجيرانه، وكان ذكيّاً حساساً سريع التأثر، صاحب قرار عنيد لا يتنازل عن رأيه إلا بشق الأنفس.

التحق محمود الحمحامي بالدراسة سنة 1986 بمدرسة سلطان بن أحمد الابتدائية القريبة من البيت حيث كان يذهب ويعود ماشياً, وكان من الطلبة المثاليين الأوائل في المدرسة فلم يتخلى عن ترتيبه الأول على الصف طيلة الدراسة الابتدائية، واختير في السنة الثانية الابتدائية الطالب المثالي في المدرسة. أحب محمود الأنشطة والعمل الاجتماعي, وكان عضوا في جماعة الإذاعة, والصحافة, والرسم, والكشافة, وكان يحرص على استثمار بعض مصروفه في صندوق جماعة المقصف.

حصل محمود على شهادة الثانوية العامة سنة 1998بتقدير متوسط حيث تأثر مستواه الدراسي لعدة أسباب، منها ضعف النظر والعملية التي أجراها لإحدى عينيه. ولكن وبعد الاستقرار الصحي والنفسي، واصل محمود دراسته العليا والتحق بمعهد العلوم الشرعية بمسقط وحصل على شهادة الدبلوم العالي في العلوم الشرعية بتقدير ممتاز, جاعلا نصب عينيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "أُطلبوا العلم من المهد إلى اللحد".

كان يوم الأحد 29/10/1998 أول أيام العمل لمحمود, حيث توظف بوظيفة محظر إعلان بالمحكمة التجارية لأكثر من أربع سنوات، لينتقل بعد ذلك بنفس الوظيفة إلى محكمة الاستئناف. وفي العام 2005 انتقل محمود إلى ديوان عام الوزارة بوظيفة موظف بدالة واستقبال, بعد أن ابتلاه الله تعالى بفقد البصر والذي أعتبره محمود مصدر قوة جديد أمده ُالله تعالى به حتى يكتشف قدرات خفية كانت مكنونة بداخلِه, واستطاع بفضل الله تعالى وهذا الابتلاء أن يكتشفها ويطورها ويحول ما يسميه البعض إعاقة إلى طاقة, أمدته بقدرات ومواهب متوقدة تتطلع إلى حياة واعدة, ومستقبل مشرق. وفي العام 2006 وبعد أن حصل على دورة في مجال الحاسوب والبرنامج الناطق, نقل إلى وظيفته الحالية ككاتب شؤون إدارية, ومسؤول عن الضيافات بدائرة العلاقات العامة بوزارة العدل.

يعيش محمود في بيت صغير بمنطقة مطرح وهي منطقة شعبية قديمة تتميز بوجود سوق شعبي عريق الأثر يأخذ أسمها, كما يمتد كورنيش مطرح بأرصفته وشوارعه الجميلة بإطلالة مباشرة على ميناء قابوس الذي تتفيأ مختلف السفن في مياهه العميقة الزرقاء لتهبه جمالاً أخاذا مع جماله.

تتكون أسرته من زوجة وثلاث بنات: بيان ثماني سنوات, وغيداء سبع سنوات, وفاطمة سنتين, وهو شخص اجتماعي يحب عائلته ويحرص على الزيارات الأسرية والاجتماعية, وهو نشيط في محيطه يحب خدمة الناس ومشاركتهم في مختلف المناسبات ومساعدة المحتاجين.

يرى محمود أن المقياس الحقيقي لكلمة إنجاز هو مدى تأثير ذلك الإنجاز إيجاباً على صاحبه ومجتمعه, ومقدار الفائدة والمنفعة التي ساهم بها هذا الفرد في الحضارة الإنسانية وارتقاء الشعوب. ومن أهم إنجازاته إنتخابهُ رئيساً لجمعية النور للمكفوفين في الدورة 2007 – 2009، وإنتخابهُ كرئيس عن إقليم الشرق الأوسط في الإتحاد الآسيوي للمكفوفين في سنة 2008 ولمدة أربع سنوات، والحصول على شهادة الدبلوم العالي بتقدير ممتاز، ويعتبر من مؤسسي الإتحاد العربي للمكفوفين والذين وضعوا نظامه الأساسي.

أدرك محمود أهمية النجاح وتحديد الطموحات والتعرف على أهدافه ورسالته في الحياة، ورسم لنفسه أهدافاً وطموحات حسب قدراته وآماله, ووضع الخطط على المدى القصير والبعيد, فمن هذه الطموحات ما تحقق ومنها ما ينتظر، ومنها:

دعاؤه بحسن الخاتمة، والحصول على شهادة الماجستير ثم الدكتوراه في العلوم الشرعية أو اللغة العربية، والترقي في العمل والحصول على وظيفة مستشار، ونيل جائزة عالمية في مجال الخدمات الاجتماعية والعمل التطوعي، واختراع جهاز يفيد المكفوفين، والسعي في إنشاء مركز للدراسات الإستراتيجية والبحث العلمي يتخصص في حل ومعالجة أهم قضايا ذوي الإعاقة، وبناء مسجد يكون منارةً للعلم والدعوة، وإنتاج شريط قراءة للقرآن الكريم وشريط إنشادي، تأليف ديوان شعري ثم منظومة شعرية من خمسمائة بيت على الأقل.

ويهوى محمود الكتابة والتأليف، والقراءة والمطالعة، والسباحة والمشي، والرحلات والسفر والسياحة، والإنشاد والحِداء.

يقدم محمود شكره للتكنولوجيا لما قدمته من رؤية جديدة وفضاء واسع في حياة الكثير من المكفوفين في شتى المجالات, فأصبح للكفيف دور كبير في هذا المجتمع المعاصر، فقد استطاع عن طريق التكنولوجيا ممارسة الكثير من الأعمال والمهن التي كانت تعتبر سابقا مجرد تخيلات وكانت مقتصرةً على فئة معينة من البشر, كما أشرق للكفيف فجر منير في آفاق العلم والمعرفة, فأصبح يمضي الساعات أمام جهاز الحاسوب ويتصفح الانترنت ويبعث الرسائل من بريده الإلكتروني, ويقرأ رسائل الهاتف ويبحث في الذاكرة عن اسم ورقم معين, ويقرأ الكتب والموسوعات العلمية الإلكترونية عن طريق الأقراص المدمجة, ويتصفح الجرائد والمجلات.

يحكي محمود تجربته الشخصية قائلا: "بعد أن فقدت بَصري قبل أكثر من أربع سنوات, أُصبت في البداية بنوع من اليأس والتشاؤم من المستقبل المرير الذي ينتظرني وخصوصاً بعد أن استلمت قرار نقلي من وظيفتي التي كنت أحبها والتي عملت بها لأكثر من ثمان سنوات إلى وظيفة مأمور بدّالة في الاستقبال, ولكن الذي حدث هو كان بعكس توقعي السلبي, فلقد بدأت اطلع على أهم وآخر ما توصل إليه العلم من اختراعات وأنظمة وأجهزة تعويضية تمكنني من مواصلة حياتي بشكل طبيعي, واقتنعت أنه لا مجال لليأس والتراجع فقررت العزم على مواصلة الطريق إلى تحقيق أهدافي وطموحاتي, فتوجهت برسالة إلى المسؤولين في العمل بطلب دورة متقدمة في مجال الكمبيوتر والبرنامج الناطق, وفعلاً وبعد مدة قصيرة جاءتني الموافقة على الدورة, والتحقت بها ولم تمضِ تلك الدورة إلا وقد أنجزت المهمة بتفوق وحققت نتائج جيدة وأصبحت قادراً على التعامل مع أجهزة الحاسوب المختلفة بكفاءة لفتت اهتمام الصحافة وأشاد بها الجميع, وها أنا الآن وبجدارة قد تم نقلي من البدالة إلى وظيفة كاتب شؤون إدارية, ومسؤول عن الحجوزات المتعلقة بالضيافات التابعة لوزارة العدل, وأصبح لدي جهاز حاسوب محمول وهاتف ناطق, والعجيب أنني قبل كف البصر لم أكن أعرف حتى مجرد تشغيل جهاز الحاسوب."

يقول محمود: "إن التطوع رسالة سامية ينبغي أن تكون موجودة ضمن مجموعة من الثوابت والمسؤوليات في حياة كل من يعيش في إطار مجتمع إنساني".

وللتطوع في حياة محمود منزلة كبير ومكانة عالية, فقد أمضى شطر حياته متطوعاً مخلصاً في خدمة مجتمعه ونشأ على ذلك منذ نعومة أظفاره من خلال خدمة أخيه الأكبر الذي سبقه في فقد البصر بأكثر من ستة عشر سنة.

واصل محمود طريقه التطوعي, في مؤسسات القطاع المدني, فقد أحب التطوع قبل أن يفقد بصره بأكثر من إحدى عشرة سنة تقريباً فكان قدوة ومثالاً للشاب المتطوع, حتى تتوجت جهوده في 2007, بنيله شرف قيادة سفينة المتطوعين في بلده من خلال ترأسه لجمعية النور للمكفوفين, كما أنه عضو في أكثر من جمعية واتحاد عربي وعالمي حول العالم.

وأخيرا يقول محمود:

"أنه بقدر النية تأتي الهمم, فإذا كان لكل شخص هدف ونية صادقة في تحقيقه, فإن الهمة والتوفيق يكون حليفه. واعلم يا أخي أن الله تعالى يعطي الإنسان على حسب نيته, فمن كان نيته ثواب الدنيا فقط وعمل لها فسينال ثمرة عمله فيها, ومن كان نيته الإخلاص لله عزّ وجلّ والعمل للدنيا والآخرة فسيجزيه الله ثواب الدارين, وكما قيل اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً, ولآخرتك كأنك تموت غداً.

وأخيرا, يهدي محمود هذه القصيدة لدولة قطر, والتي كتبها قبيل زيارته للدوحة بلده الثاني, أثناء انعقاد الأسبوع الثقافي الخليجي الأول في أكتوبر 2008.

يا قَطرُ من ذا إليك سبيل المجد يقتدِرُ

من ذا يَرُومُ إذا ما الكلُّ يعتذرُ

مَن للمكارِمِ أهلاً بعدكم ضمنت

لهمُ المكارمُ أتلاداً بها ظفروا

من للعروبةِ تبجيلاً لعزتها

قادوا المعاركَ نحو النصر فانتَصَروا

من للحضارةِ والعلياءِ قد وصلوا

قبل الذين طويل الدرب قد قفروا

سبقوا اليه وما هجعت لواحظهم

حتى تبادى بعزمٍ مجدهم صُورُ

من ذا اليها لذيذ النوم فارقني

حتى أَبُثَّ قصيداً مِثلَ مَن نثروا

دعني أخطُّ سطوراً صاغ أحرُفها

قلباً إليكِ من الأشواقِ يعتصرُ

أنتِ المحبةُ والعشاقُ في عجبٍ

عن ما حَوَيتِ جمالاً فاقَ ما ذَكروا

أَهدى إليكِ بديع الكون أنعُمهُ

حتى سَمَوتِ وفيكِ الخيرُ ينتشرُ

هلا سَمحتي بلاد العزِ لي طلبٌ

مني إليكِ قبيل الوعد أبتدِرُ

طلبي إليكِ إذا ما جئتُ أن تهدي

مني سلاماً لأُمٍّ إسمها قَطَرُ

مَن ذا تَبَاها بشعبٍ ذاع صِيْطُهُمُ

بين المحافل تاريخاً بهِ دُرَرُ

بَذَلُوا لأجلكِ يا دَوحاءُ أنفُسَهم

حُبَّاً يفيضُ فِداكِ أنتِ يا قَطَرُ

من ذا تباها بأرضٍ حضنُها سكنٌ

من ذا تباها بِأرضٍ إسمها قَطَرُ

للتواصل مع محمود:

البريد الالكتروني: albayan7008@hotmail.com

الموقع الالكتروني: www.alnoor4blind.org.om

هاتف: 24481551/ 0096899077783

فاكس 0096824482664