ماجد إبراهيم العسيري، 29 سنة، ولد في مدينة الطائف لوالدين من جنوب غربي المملكة العربية السعودية، كفيفا بسبب الماء الأزرق، وتربى في أحضان طبيعة الطائف الغناء، ونشأ بها.
تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي بمعهد النور للمكفوفين بالعاصمة المقدسة مكة المكرمة. وبعد التخرج من ثانوية معهد النور بالامتياز، انتقل إلى مدينة جدة حيث كانت "جامعة الملك عبد العزيز" وأختار تخصص آداب اللغة العربية، على الرغم من أنه لم يكن التخصص الذي رغب فعلا في دراسته وقت ذاك، ولكنه حرص على تحصيل شهادة لتسير بها حياته المستقبلية بعد ذلك.
كان قد اكتشف نفسه كإعلامي ولكن الله لم يشأ له أن يلتحق بكلية الإعلام. تخرج ماجد من الجامعة وحصل على شهادة الامتياز مع مرتبة الشرف ودرع الجامعة. يصف ماجد الجامعة بقوله:
"كانت الحياة الجامعية عالما جديدا مختلفا بكل ما تعنيه الكلمة، وكان دخولها أمرا يعتبر نوعا من التحول لا بد منه، فلم تكن مؤسسة خاصة كالمعاهد، وليست مبنى واحدا مثله، بل مبان متعددة، وحتى الناس هناك مختلفون. كانت كلها صعوبات، كان بعض الأساتذة أيضا غريبو الأطوار، صحيح أنهم أكاديميون في جامعة لكنهم من أغرب ما يمكنك أن تشاهده. ولكن أهم أسباب التغلب على هذا كله هو الرغبة الجادة المصحوبة بالعزيمة ومصادقة بعض الإخوة الكرام الذين بمساعدة الله لنا ثم بمساعدتهم قدرنا على تجاوز كل الصعاب."
عمل ماجد معلما في مدارس المملكة العربية السعودية لمادة اللغة العربية منذ أربع سنوات وحتى الآن بين مدينتي أبها ومكة المكرمة، وبعد أن التحق ببرنامج دمج أكاديمي للطلبة المكفوفين بالطائف، تم اختياره لتدريس مادة الرياضيات مع العلوم مع ملحق الاختصارات لطريقة البرايل، وهذه السنة الخامسة له كمدرس.
يحظى ماجد بتقدير كبير في أوساط عائلته ويضرب به المثل بين شبابها كنموذج على الإصرار والنجاح والتفوق. أما المجتمع كما يراه ماجد فله آراؤه المتعددة ما بين من يقبله ومن يرفضه بشكل أو بآخر كل حسب أهوائه وما يناسبه، ويقول:
"أظن أن هناك الكثير ممن يحب هذا الاسم (ماجد)، وبالمقابل هناك الكثير ممن يود لو محي هذا الاسم من سمائه نهائيا، وعلى العموم الاختلاف لن يفسد للود قضية بيني وبينهم".
أما أبرز انجازاته فهي تأسيس منتدى للحاسب الآلي للمكفوفين في الشبكة العربية لذوي الاحتياجات الخاصة، وإنشاء شبكة متخصصة للمكفوفين العرب على الإنترنت. والانجاز من وجهة نظر ماجد هو:
"ليس ما يمكن للشخص أن يبنيه بروازا يغلف به نفسه، إنما هو ما يستفيد منه الناس حقا"، لذلك حرص على العمل لتحقيق مشاريع تخدم الناس وتنفعهم.
ويطمح ماجد لأن يأخذ كل ذي حق حقه، ولأن يسود السلام والحب قلوب البشر. كما يطمح إلى تحويل أهم مشروع قام به وهو شبكة الكفيف العربي إلى مؤسسة إعلامية كبيرة يشار إليها ببنان الاعتراف بجهدها الذي تقوم به. يطمح أيضا لمواصلة دراسته للحصول على الشهادة العليا، ولممارسة هواية الإعلام، ولإنشاء بيت سعيد يكون له فيه أبناء وحفدة، ويطمح إلى كل خير تطمح له النفس البشرية. وأهم من ذلك كله فهو يطمح لأن يرسم البسمة على وجوه كل البشر، وألا تختفي الابتسامة من فوق شفتيه مهما غرق في الأحزان ومشاغل الحياة، كما يطمح لكي يستمر في التفكير ورسم الأهداف، لأنه يرى متى ما توقف الإنسان عن رسم أهداف جديدة، تتوقف حينها حياته.
لدى ماجد الكثير من الهوايات، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:
- الإعلام والكتابة الصحفية والإلقاء الإذاعي.
- الاهتمام بالتسجيلات الصوتية.
- الاهتمام بالحاسب الآلي ومحاولة تطوير المكفوفين في هذا المجال.
- الكتابة والبحث المتخصص في مجالي المكفوفين واللغة العربية.
- المشاركة في أنشطة المكفوفين الشعبية والأكاديمية المتخصصة.
- الكتابة الأدبية في النقد والمقال والخاطرة الوجدانية التي تعبر عن مكنون النفس وما يخالجها من أمل وألم.
أما التكنولوجيا فيصفها ماجد بقوله:
"خلاصة تجربة ابتدأت بكثير من الآلام تنتظر بحار الآمال، غرقت في لجة التوهان مرارا، ولكني كلما فكرت في الابتعاد، وجدت نور النجاة يمد يده لي، ويضمني بقوة داخل أحضانه.
فامتدت التجربة وسار المركب بعد تعثره مرارا ومرارا بأمان. حتى كانت تلك التقنية صديقة لا تمل مني، وإن مللت من الناس تلقفتني ببحور العطاء.
ما زلت أعطيها وآخذ منها:
فأعطيتها الوقت، وأعطتني المتعة والمعلومة، والشهرة والمعارف، والسفر والسياحة، نعم!
تسافر لحيث شئت وأنت في بيتك.
تخاطب من شئت وأنت في سيارتك.
تخدم من أردت بضغطة أصبع على أحد أزرار لوحات أجهزتها!
لا شك إن الأمر صار أفضل بكثير.
هذا أنا بين حالين: فماذا تريد منهما أخي؟ وماذا تريدين أختي؟
سؤال فقط: وللإجابة صدى!
الأمس غامض معتم، واليوم زاهر مشرق: والاختيار بين يديك."
أما التطوع فيراه ماجد أجمل كلمة في الوجود، لأن فاعلها يرجو منها وجه الله تعالى، ويأمل أن يحقق من خلالها أهدافا عجز عن تحقيقها في عمله الرسمي. فيها أروع معاني البذل وأصدقها، فيها يعيش المرء ذاته، يقدم كل ما في وسعه من أجل هذا العمل الذي اختاره بملء إرادته، فالتطوع هو الشيء الوحيد الذي يشعر فيه المرء بوجوده لأنه هو من اختاره. ولكن من جهة أخرى، فالتطوع أقبح أمر عند ذوي المناصب لأنهم يظنون إن المتطوع يريد مكانهم، فهم يضيقون عليه، يحاولون إخراجه من مؤسستهم، يضايقونه، لا يشكرونه، ولا يدعمونه.
أما عن حياته التطوعية، فقد بدأها قبل أيام دراسته الجامعية، فكانت له مشاركات واسعة مع (جمعية إبصار الخيرية لرعاية وتأهيل المكفوفين)، ومركز المتميزون لذوي الإعاقة بالطائف، ومركز (لست وحدك) التابع لجمعية الأطفال المعوقين بجدة، وشركة الناطق للتكنولوجيا بالإمارات العربية المتحدة.
وأخيرا يوجه ماجد كلمته الأخيرة لكل كفيف:
"لا تخجل من السؤال فبقاؤك بدون سؤال يعني بقاؤك بين الحفر، وبالتالي لن تصعد في أي يوم قمم الجبالِ. واعلم إن سر احترامك لنفسك سيجعل الآخرين يهفون إليك. ولا تنس إن لكل امرئ منا نصيب مقدر محتوم قد علمه ربك وقدر لك منه قدرا، فلا تبتئس بما فاتك واحرص على أخذ ما قدر لك، ولا تندم أبدا فلا زالت الشمس تشرق."
ويختم قائلا: "اعرف قدر نفسك حتى وإن تجاهلك آلاف البشر، فاحترمها، تسد بها."
للتواصل مع ماجد العسيري: majed@blindarab.net
مواقع يوصي ماجد بزيارتها: