سندي أبوت

ولدت عام 1959 في قرية زراعية صغيرة بولاية نبراسكا، في الولايات المتحدة الأمريكية. تمتعت كطفلة بالصحة والنشاط، وكان الهواء الطلق في الخارج ملعبي.

لقد التحقت بالعمل منذ صغري، وأحيانا كنت أشغل عدة وظائف في نفس الوقت. التحقت بالمدرسة وعملت جاهدة لأحصد أعلى الدرجات. كنت مصممة على أن أحيا حياة أفضل، والتعليم كانت خطوتي الأولى على ذلك الطريق. تخرجت من الثانوية العامة والكلية بمرتبة الشرف. لست إنسانة متميزة، ولكني احدد أهدافي وأعمل بجد واجتهاد لتحقيق هذه الأهداف. عملت خلال الثلاثة عشر سنة الأخيرة في التدريس بجامعة ولاية كاليفورنيا بمدينة فوليرتون. أحب عملي ولا أتخيل نفسي أعمل في أية وظيفة أخرى. وبالنسبة لي، فإن هيئة التدريس والطلاب والعاملين في جامعة كاليفورنيا العامة هم عائلتي الكبيرة.

تزوجت رجلا رائعا منذ 20 سنة تقريبا. ولا نتشارك نفس الاهتمامات والأخلاق والقيم فحسب، ولكننا نحب اختبار وتجربة الأشياء الجديدة، والتعرف على ناس جدد، وزيارة أماكن جديدة. كلانا يعمل بجد كبير لكسب مال أكثر لاكتشاف العالم. لسنا أغنياء، ولكن السفر والمغامرات بالنسبة لنا أولوية مقدمة على ما سواهما مثل السيارات الجديدة واقتناء المجوهرات. بعد تشخيصي بالإصابة بتورّم فجنر الحبيبيّ Wegener’s Granulomatosis ، قرر زوجي التخلي عن كل أحلامه والتوقف عن أعماله حتى يتفرغ لمساعدتي على متابعة سعيي لتسلق قمة جبل ايفريست. لقد منحني الله أكثر الرجال إيثارا ودعما على هذه الأرض.

ابنتي إنسانة محبة وعطوفة ومعطاءة جدا، ولا يمكن لأي والدة أن تتمنى ابنة أفضل منها. وهي كأبويها تحب المغامرات. في العام 2008، اعتذرت ابنتي عن فصل دراسي أثناء دراستها بالكلية، وسافرت إلى زيمبابوي لمدة شهر واحد لتتطوع في محمية للأسود. وأثناء رحلتي لتسلق قمة جبل ايفيرست، انضمت ابنتي لفريق المساندين على الانترنت، وذلك عبر مساعدتي بإخبار الناس عن تحركاتنا وتقدمنا.

بدأت رحلتي إلى جبل ايفيرست قبل ثلاث سنوات، ولكن قصتي، كحال العديد من ضحايا الأمراض المجهولة، بدأت منذ أكثر من عقد من الزمان.

بدأت في العام 1994 بالإحساس بمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية غير المعتادة: ضعف في البصر، وإرهاق، وآلام في المفاصل، ومشاكل في الجيوب الأنفية، وصداع. وعلى مدى العشر سنوات اللاحقة، أجريت عددا لا يحصى من الفحوص والاختبارات الطبية، ولكن بقي سبب هذه الأعراض لغزا مجهولا. ومن بين المشاكل العديدة التي كنت أعاني منها، والتي أثارت أكبر مخاوفي كان التدهور السريع لبصري. توقعت أن أصبح عمياء خلال 6 شهور بالمعدل الذي تراجع فيه بصري. نحيت جانبا كل مشاكلي الصحية، وركزت على المحافظة على بصري. وبحلول ذلك الوقت، كنت قد زرت العديد من أطباء العيون، ولم يستطع أيا منهم معرفة سبب فقدي لبصري.

في العام 2004، زرت الطبيب جاري هولاند من معهد جوليوس ستاين للعيون بجامعة كاليفورنيا، وشخص إصابتي بالتهاب الأوعية الدموية الشبكية. لم يتمكن الطبيب هولاند من تحديد سبب إصابتي بهذا الالتهاب، ولكنه كان قادرا على إبطاء عملية تدهور بصري.

كنت أتسوق في الثامن من يونيو من عام 2007، عندما داهمني دوار في الرأس وشعور بالغثيان. واجهت صعوبة في المشي، ثم أدركت أنني فقدت الرؤية في أحد عينيّ. وبعدها بثلاثة أيام زرت الطبيب هولاند، ولم أتمكن من زيارته قبل ذلك بسبب عطلة آخر الأسبوع، وأخبرني بأنني أعاني من انسداد الوريد الشبكي المركزي CRVO . وهكذا فقدت البصر في عيني اليسرى. وهذا التشخيص قاد الأطباء لحل لغز مرضي وهو إصابتي بتورّم فجنر الحبيبيّ، لقد تعين علي فقد جزء من بصري لأحصل على الجواب.

قمة ايفيرست: حلم يتحقق

شخّص الأطباء إصابتي بتورّم فجنر الحبيبيّ في الأول من أغسطس من العام 2007، وفي الثالث والعشرين من مايو من العام 2010، وصلت إلى قمة ايفيرست. لقد تمكنت من الانضمام إلى النخبة ممن تسلقوا أعلى قمة جبلية في العالم وأنا في عمر الواحد والخمسين عاما، ومصابة بمرض نادر يهدد حياتي، وعمياء في إحدى عينيّ.

وبعد أن شاهدت برنامجا رائعا على قناة ديسكفري بعنوان: "ايفيرست: إلى أقصى مدى"، تُقت بقوة إلى تسلق هذا الجبل: تقت إلى جماله، وإلى التحديات أمام تسلقه. يجب أن تعلموا أنني في ذلك الوقت لم أتسلق سوى جبل كيليمنجارو ولم أكن متسلقة جبال حتى. كان عمري حينها 48 عاما، وكنت على وشك البدء بالتدريب لمغامرة جديدة وهي تسلق الجبال. وعليه، اتصلت بالسيد سكوت وولمز، متسلق الجبال الشاهقة ومرشد محترف ذو خبرة كبيرة، ووضعنا الترتيبات لتسلق جبل أكونكاجوا في الأرجنتين (أعلى قمة جبلية في أمريكا الجنوبية) للقيام برحلتنا التدريبية الأولى لتسلق الجبال.

 

بعد ذلك بأربعة شهور أصبت بانسداد الوريد الشبكي المركزي الذي ذكرته سابقا، وأصيبت عيني اليسرى بالعمى تماما. لقد كان انسداد الوريد الشبكي المركزي إشارة للمرض الآخر، وحولني كل من الطبيب هولاند والطبيب كريجير (من معهد جوليوس ستاين للعيون) إلى الطبيب جورن وهو متخصص في الأمراض الرئوية في المركز الطبي التابع لجامعة كاليفورنيا. تم تشخيص إصابتي بمرض تورّم فجنر الحُبيبيّ في الأول من شهر أغسطس من عام 2007. على قدر ما كانت صدمتي كبيرة إلا أنني عرفت مرضي على الأقل وبدأت برنامج العلاج بالأدوية.

بعدها بأسبوعين تم نقلي إلى الطوارئ بعد إصابتي بسكتة دماغية صغرى، وذلك عنى المزيد من الفحوص الطبية والمتابعة مع الأطباء، ولكنني واصلت التقدم نحو هدفي لتسلق جبل ايفيرست. لقد تركت الأدوية التي كنت أتناولها لعلاج مرض تورّم فجنر الحُبيبيّ آثارا جانبية خطيرة علي، وطرحتني أسيرة فراش المرض لعدة أشهر. ولكني واصلت التدريب، فما زال هناك جبل بانتظاري لأتسلقه.

 

بعدها بأربعة شهور، سافرنا إلى الأرجنتين وتسلقنا جبل اكونكاجوا، ولكن للأسف وعلى ارتفاع 20 ألف قدم اضطررنا لإلغاء محاولة تسلق الجبل بسبب الرياح العاتية. وفي طريق العودة على ارتفاع 19 ألف قدم تقريبا، تعرقلت قدمي بالقدم الأخرى، ووقعت، وكسرت ساقي، ورغم ذلك تعين علي المشي لمدة خمس ساعات هبوطا حتى وصلنا إلى معسكر التخييم لأننا كنا على علو مرتفع جدا لا يسمح للمروحية بإخلائنا. وخلال السبعة شهور التالية خضعت لعمليتين جراحيتين (لتركيب صفيحة معدنية/ ثم إزالتها) وهكذا مضت الأيام، ولكن ما زال هناك جبل بانتظاري لأتسلقه.

في صيف عام 2009، تسلقت وزوجي قمة جبل رينييه وارتفاعه 14.410 قدم، وقمة جبل البروس في روسيا وارتفاعه 18.513 قدم، وجبل لينين بقيرغستان وارتفاعه 22.500 قدم ولكننا اضطررنا لإلغاء محاولة الوصول إلى القمة لأن أحد أعضاء الفريق أصيب بعضة صقيع. وخلال هذه المحاولات الناجحة تعلمت كيف أكيف تقنيات المشي والتسلق التي اكتسبتها مع قدرتي المحدودة على الإبصار.

أنا حاليا في فترة استراحة لاستكمال علاجي الطبي. ومن حسن الحظ ومن سوءه في نفس الوقت، فإن الدواء يكبح نظامي المناعي مما يعرضني لخطر الإصابة بالالتهابات. ولو توقفت عن تناول هذه الأدوية على أية حال فإن المرض سيستمر في تدمير جسدي، وعلى وجه الخصوص: عينيّ. لقد فقدت إحدى عينيّ، ولكننا تمكنا (حتى الآن) من المحافظة على العين الأخرى.

سافرت إلى كاتاماندو في الثاني من ابريل من عام 2010 لمدة شهرين قضيتهما في الاستعداد لتسلق الجهة الجنوبية من جبل ايفيرست. إن حقيقة إصابتي بمرض تورّم فجنر الحُبيبيّ، وفقدي البصر في إحدى عينيّ، لم يغير من قناعتي بعيش الحياة حتى أقصاها وهذا بالضبط ما أخطط للقيام به!

لدي العديد من الهوايات مثل: الغوص والرقص والسفر والمغامرات وتسلق الجبال.

أما بالنسبة لطموحاتي، أريد أن أعيش الحياة حتى أقصاها بغض النظر عن الصعوبات التي تواجهني، وأن أنشر الوعي بهذا المرض النادر. أتمنى أن أساعد الآخرين من خلال تجربتي وأن أؤلف كتابا عن رحلتي من بداية إصابتي بالمرض المجهول، وطوال فترة العلاج، مرورا بفقدي لبصري ووصولا حتى أعلى قمة في العالم.

لقد ألقيت خطابات في عدة فعاليات خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر مثل:

  • المحادثة الفورية مع جماعة للدعم من جمعية PAN . (منظمة غير ربحية)
  • المنتدى الدولي لمؤسسة التهاب الأوعية الدموية 2010 (منظمة غير ربحية)
  • جامعة كاليفورنيا العامة، فوليرتون، مركز المرأة (منظمة غير ربحية)
  • مركز كازا رومانتيكا الثقافي (منظمة غير ربحية)

لا استعمل أي معينات بصرية أو تقنيات لضعاف البصر. كلتا عيناي مصابتان بالتهاب الأوعية الدموية في شبكية العين ولذلك يجب علي ارتداء النظارات للقراءة وقيادة السيارة. يجب أن أتناول الأدوية لكبح حدة المرض، وآمل ألا افقد المزيد من بصري.

أشعر بأني محظوظة لأن عيني اليمنى تبصر بشكل جيد إلى حد ما، وهذا يمكنني من العمل. ولكن لسوء الحظ، إذا عاود المرض نشاطه، أو إذا تركت فترة العلاج فإن أول ما يمكن أن يحدث هو أن افقد ما تبقى لي من بصري.

التكنولوجيا في حياة المكفوفين وضعاف البصر

إن المرض الذي أعاني منه يهاجم الأوعية الدموية في عيني. ولقد أتاح التقدم التكنولوجي في مجال المعدات الطبية للأطباء في معهد جوليوس ستاين للعيون مراقبة بصري والمرض الذي أعاني منه. بدون هذه المعدات، لم يكن ليتم معرفة مرضي، وربما كنت اليوم عمياء تماما أو ربما أسوأ من ذلك.

مناصرة ولست متطوعة

بالنسبة لعملي التطوعي في مجال المكفوفين وضعاف البصر، فإني اعتبر نفسي مناصرة لهم ولست متطوعة. أنا الآن في مهمة لنشر الوعي بهذا المرض النادر على المستوى الدولي. لربما تمكنت من المحافظة على بصري، لو تم تشخيصي مبكرا. وبناء على ذلك، فإني استغل الاهتمام الإعلامي برحلتي إلى قمة ايفيرست لمساعدة منظمتين وذلك عبر نشر الوعي ونقل الأمل للناس. بالنسبة للبعض، فإن تسلق الدرج يعتبر بمثابة تسلق قمة ايفيرست.

إن فقداني البصر في إحدى عيني، وتشخيصي لاحقا بالإصابة بمرض تورّم فجنر الحُبيبيّ كانا مجرد باب آخر تعين على عبوره وأنا أشق طريقي في هذه الحياة الرائعة. وبينما أستمر في طريقي، آمل أن أنشر الوعي باحتياجات الأشخاص المصابين بهذا المرض النادر.

مثلي المفضل: "ليست الحياة أن تنتظر مرور العاصفة، ولكن الحياة تعلُّم الرقص تحت المطر." القائل مجهول.

للتواصل مع السيدة سندي أبوت:

البريد الالكتروني: cindy@reachingbeyondtheclouds.com

الموقع الالكتروني: http://reachingbeyondtheclouds.com /

مواقع تنصح السيدة أبوت بزيارتها: