ولد ديفيد بلانكيت عام 1947 وسط عائلة تعيش في أفقر مناطق مدينة شيفيلد (المشهورة بصناعة الحديد ومشغولات الفضة والسكاكين والحرف). وقد تطلب نظام تعليم الأطفال المكفوفين في تلك الأيام الحضور في مدرسة متخصصة داخلية، ولم يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم بصورة منتظمة (أي كحال هؤلاء الذين لا يعانون من عدة إعاقات في أيامنا هذه). تعلم ديفيد القراءة والكتابة بطريقة بريل واستخدام أساليب اللمس لتعلم الرياضيات، وتعلم التحرك بحرية، والمحافظة على نظافته الشخصية.
وكان ركوب الدراجة بعجلتين، ولعب كرة القدم باستخدام كرة محشوة بكرات معدنية صغيرة، ولعب الكريكيت بكرة مربوط بها جرس كلها ألعاب أدت إلى إصابته بكل أنواع الحوادث إلا أنها كانت مصدر متعة كبيرة له.
التحق في سن الثانية عشرة بمدرسة ثانوية في مقاطعة شروفشاير الواقعة على الحدود بين انكلترا وويلز. ولم تعقد في تلك المدرسة امتحانات عامة، ولذلك بدأ في سن السادسة عشرة بالدراسة في كلية مسائية، وسجل في دورة تجارية لتعلم الطباعة باستخدام الآلة الطابعة والاختزال بطريقة برايل، وكذلك تعلم المهارات المكتبية. اكتسب المؤهلات اللازمة خلال ست سنوات (عاد إلى مدينته الأم شيفيلد وحصل فيها على وظيفة مكتبية لمدة سنتين) ، وشملت مؤهلاته حصوله على الشهادة الوطنية في دراسات الأعمال، ودرجة الامتياز في الاقتصاد والقانون والتاريخ الاقتصادي.
التحق في الثانية والعشرين من عمره بجامعة شيفيلد لدراسة النظريات والمدارس والمذاهب السياسية. وأثناء دراسته في الجامعة ، انتُخب ديفيد في مجلس المدينة ليصبح بذلك أصغر عضو منتخب في المجلس، وخدم بداية في مجلس مدينة شيفيلد، وخدم بعدها لفترة قصيرة في مجلس العاصمة حديث الإنشاء، والذي ألغي بعد عملية إعادة تنظيم الحكومة المحلية في عام 1986.
كان ترؤسه البرنامج الثوري والتطوري للمواصلات العامة والذي أدى إلى خفض ثمن تذاكر المواصلات وتحسين ساعات الرحلات أعظم أعماله في مجلس العاصمة، أدى ذلك لمحاولة مجلس لندن العظيم الإقتداء به. استمر في العمل في مجلس مدينة شيفيلد، وتولى أولا منصب رئيس المجلس المسؤول عن الخدمات الاجتماعية، ثم ترأس المجلس خلال الفترة من العام 1980 وحتى العام 1987. كما تم انتخابه في نفس الفترة ليترأس اللجنة التنفيذية لحزب العمل الوطني ولعب دورا رئيسيا فيه بصفته نائبا لرئيس الجمعية الوطنية للحكومة المحلية. وفي عام 1987 تم انتخابه عضوا في البرلمان عن حزب العمل لدائرة شيفيلد برايت سايد الانتخابية، وهي واحدة من ست دوائر انتخابية برلمانية في مدينة شيفيلد.
شغل عددا من المناصب عندما كان حزب العمل في المعارضة، ولكن في عام 1997عندما ترأس بلير الحكومة تولى ديفيد منصب وزارة التعليم والتوظيف في مجلس الوزراء، وبعد أربع سنوات لاحقة تولى منصب وزير الداخلية (المسؤولة بشكل كامل عن القانون والنظام، والعدالة الجنائية، والهجرة ومكافحة الإرهاب) وتولى لفترة قصيرة كامل المسؤولية عن الرعاية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي والتقاعد.
يعمل ديفيد حاليا ضمن عدد كبير جدا من مشاريع المنظمات التطوعية والمجتمعية الخيرية، كما ويشارك أيضا في قضايا واسعة النطاق كالأمن الالكتروني، وإصلاح نظام الرعاية، وإدخال التكنولوجيا والتقنية في المدارس.
تقنيات الكفيف التي يستخدمها ديفيد متنوعة، فهو يستخدم برايل وشارك في احتفالات الذكرى المائتين لميلاد لويس برايل مطلع شهر يناير من هذا العام في مدينة باريس، وستمتد الاحتفالات طوال عام 2009. ويطلع ديفيد على المواد النصية مسجلة على أشرطة صوتية (والتي يمكن التحكم في درجة سرعتها) أثناء توليه مهامه الانتخابية وغير ذلك من المهام الملقاة على عاتقه، وحتى عندما كان عضوا في مجلس الوزراء، كما يمكنه الوصول لمكتبه في مجلس شيفيلد ومكتبه في البرلمان البريطاني عبر استخدام تقنيات بريل الالكترونية. وعليه فقد استخدم ديفيد بريل والمواد المسجلة صوتيا للقيام بواجباته ومهامه على أكمل وجه. امتلك ديفيد أيضا كلبا مرشدا طوال الأربعين سنة الماضية، وكان للكلاب الخمسة التي امتلكها حتى اليوم دورا أساسيا في منحه الكرامة والاستقلالية وسهولة الحركة والتنقل، وكلابه مدربة بشكل خاص للتعامل مع البيئة التي يعمل ديفيد فيها.
وضع ديفيد مؤخرا وثيقة السياسات العامة بشأن قطاع المنظمات التطوعية والمجتمعية (لرئيس الوزراء جوردن براون)، وترأس لجنة مخصصة للنقل المدرسي، ووضع وثائق ومستندات متعلقة بالقروض الميسرة للأسر الفقيرة في إطار حملة لمكافحة الفقر، وقدم ورقة عن الحراك الاجتماعي والتشجيع على تحقيق الطموحات.
كما يجري ديفيد المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، وله عمود ثابت في الصحف يكتب فيه عن مجموعة كبيرة من القضايا، ويشارك في كبرى الفعاليات (أحد الأمثلة تقديمه مؤخرا محاضرة قانونية عن تحقيق التوازن بين الحريات المدنية وتدابير مكافحة الإرهاب) كما يواصل اهتمامه بالشعر ولكن على وتيرة أخف
لا يزال مقربا من رئيس الوزراء وزملائه أعضاء مجلس الوزراء، ولديه مجموعة واسعة من الاهتمامات على الصعيدين الوطني والمحلي، وشارك في نهاية العام الماضي في زيارة كبيرة إلى شرق أفريقيا للحث على اتخاذ إجراءات للوقاية من العمى، ودمج الأطفال في المدارس، وإحداث تغييرات في الثقافة والموقف من المكفوفين وذوي الإعاقة بصفة عامة.